بعد انتهاء الموسم… مـاذا أفـرزت لنا مسـابقات المراحل السنية بشكلها الجديد…؟!

بعد انتهاء الموسم… مـاذا أفـرزت لنا مسـابقات المراحل السنية بشكلها الجديد…؟! 

BY كوووورة وبس

انتهى الموسم بالنسبة لمسابقات المراحل السنية الثلاث وحصدت أندية الشباب وعبري والسيب اللقب في مسابقات الناشئين والشباب والرديف على التوالي, وإقتربت الإجازة الصيفية وبات هم الأندية أن تعيد ترتيب أوراقها من جديد وتطّعم صفوفها بالموهوبين. وبدأت رحلة البحث والتقصي والاستكشاف.. في المدارس والقرى والشواطئ.. لعلهم يجدون ضالتهم في ناشئ هنا.. أو موهوب هناك.

هذا الموسم كان مختلفا بالنسبة لمسابقات المراحل السنية.. فالأعمار في مسابقة دوري الناشئين كانت تحت 16 سنة.. فأصبحت تحت 15 سنة.. والدوري الأولمبي.. أصبح دوري الرديف تحت 21 سنة.. وتغيرت قوانين الصعود للمرحلة النهائية في اللحظات الأخيرة.. تماما كما تغيّر قانون مشاركة لاعبي الرديف في الفريق الأول.. أو بالعكس.

وبما أنها مسابقات جديدة على مستوى الأعمار والقوانين.. فمن الطبيعي أن تكون هناك بعض السلبيات التي رافقتها والتي وجب الوقوف عليها ومعالجتها. وأيضا هناك من الايجابيات التي علينا تعزيزها كمكتسبات لما يمثل قاعدة كرة القدم في أي مكان في العالم.

مباريات أقل

النقطة الأكثر جدلا في مسابقات المراحل السنية هذا الموسم والمواسم التي سبقته هي عدد المباريات التي يلعبها الفريق في الموسم الواحد. فمتوسط عدد المباريات التي يلعبها الفريق الواحد هي 12 مباراة للفريق الذي يصل للمربع الذهبي.. وينقص الرقم أو يزيد بحسب مجموعته في التصفيات الأولية, وهذا يعني أن الفريق قد يلعب 6 مباريات في الموسم فقط إذا لم يصعد  للنهائيات.

6 مباريات في الموسم رقم مخيف جدا, وإذا أضفنا عدد المباريات الودية فإن الرقم لا  يتجاوز 10 مباريات..! وللمقارنة.. فإن دوري الناشئين في المملكة العربية السعودية والذي يلعب بنظام الدرجات والفئات ، متوسط عدد مباريات الفريق الرسمية فيه هو 22 مباراة.. هذا غير المباريات الاستعدادية والتجارب الودية.

حلقة مفرغة

على حسب المعطيات السابقة.. فإن عدد المباريات أمر غير مشجع للأندية للاستمرار.. فمن غير المعقول أن نطالب الأندية بالمشاركة لمدة شهرين للعب  6 مباريات, بمصاريفها وإلتزاماتها المالية. في المقابل, الأندية وبسبب قلة عدد المباريات بحثت عن الجانب المادي المستفاد من المشاركة, وبالتالي غاب الاهتمام عن الجانب الفني والذي ينبغي أن يكون محور الاهتمام.. حلقة مفرغة يكون ضحيتها المدربون واللاعبون فقط.. لا غير..!

الاستراتيجية.. غائبة

عندما أعلن الاتحاد العماني لكرة القدم عن مسابقات هذا الموسم في أغسطس الماضي.. كان الهدف المعلن من مسألة تغيير الأعمار في بعض المسابقات هو مواكبة المسابقات القارية.. وهذا ما تم بالفعل.. إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد.. بل أصدر الاتحاد قوانين تتعلق بمشاركة اللاعبين في فئات أعلى.. (الرديف في الفريق الأول مثلا).. ما لبثت أن تغيرت تلك القوانين في منتصف الموسم..!

وحتى كتابة السطور.. لم يقدم تفسير لهذا التراجع عن القرار.. تماما كما لم يقدم تفسير لكيفية تغيير آلية الصعود إلى النهائيات في الجولة الأخيرة من المرحلة الأولى..! وبسبب هذه القرارات – وقرارات مماثلة في مسابقات الكبار – أخذت المسابقات وهمومها الحيز الأكبر من مناقشات اجتماع الجمعية العمومية الأخير.. ولم تأت الإجابة..!

هذا الأمر يدفعنا للتساؤل عن دور (المكتب الفني) في رسم استراتيجية المسابقات والتي هي المورّد الأكبر للمنتخبات الوطنية.. فالتعديلات التي جرت في هذه المسابقات كانت بناء على توصية الخبير الفني السابق (جيم سيلبي) وطاقم المكتب الفني وخبير الاحتراف (سيف الدين أبو بكر) وتمت تحت إشراف لجنة المسابقات آنذاك ورابطة دوري المحترفين.. رحل سيلبي وتغيّر مجلس الإدارة.. ورحلت الاستراتيجية معه..!

المدة الزمنية

من السلبيات التي لم يتم تجاوزها هي المدة الزمنية للعب مسابقات المراحل السنية.. فعندما نتحدث عن 6 مباريات في الموسم فنحن نتحدث عن شهر ونصف فقط من اللعب الرسمي الأسبوعي.. وبعدها سيكون على الجميع الانتظار 10 أشهر لبدء الموسم المقبل, وهي فترة كفيلة بنسف كل ما تعلمه اللاعب من مهارات وتكتيكات.. وبالطبع يستثنى من ذلك بعض الأندية التي تقوم بين الفترة والأخرى بعمل تجمعات للاعبي المراحل السنية, سواء عن طريق تنظيم دورات داخلية.. أو عبر المباريات الودية والتي في العادة تأتي ضمن إطار الاجتهادات الشخصية للأجهزة الفنية والإدارية لفرق  المراحل السنية.

من الُملام..؟

لا يمكن إلقاء اللوم على اتحاد الكرة وحده في هذا الأمر, هناك مشكلة أكبر مما يتصوره البعض, وهي قضية (الجرعات التدريبية) التي من المفترض أن يحصل عليها اللاعب بصفة منتظمة حتى الوصول لمرحلة الفريق الأول. تلك الجرعات تتضمن المباريات والحصص التدريبية وهو أمر مهم في بناء اللاعب الناشئ قبل الوصول لمرحلة الكبار.

هذا النظام متبع في أغلب دول العالم.. وأكبر المدارس الكروية حول العالم تعطي لهذا الأمر جل اهتمامها.. والشيء بالشيء يذكر.. (يواكيم لوف) مدرب منتخب ألمانيا الفائز بالمونديال الأخير (البرازيل 2014)  عزى سبب فوز فريقه إلى جميع مدربي منتخبات المراحل  السنية في بلده.. لأنهم بالفعل  هم من قام بالتنشئة الصحيحة.. هم من وضع الأساسات.  هنا من المفترض أن نسأل.. أين مكمن الخلل؟.. وتأتي الإجابة من داخل الأندية, فمعظم حواراتنا ولقاءاتنا مع مدربي المراحل السنية تشير إلى أن الاجتماعات الفنية التي يعقدها الاتحاد يحضرها (الإداري) دون المدربين, وبالتالي فإن إي قرار (فني) يكون مغلفا بغلاف إداري بحت.. وعلى الفني أن ينفذ, طبعا مع  بعض الاستثناءات في أندية عددها لا يتعدى أصابع اليد الواحدة..!

هل من بدائل؟

من المهم أن نأتي بالحلول ما دمنا تحدثنا عن المشكلة. وتلك الحلول من المفترض أن تكون قريبة من الواقع. والواقع يقول أن الأندية شحيحة الموارد المالية, وأن أية أعباء إضافية تعني إغلاق الأبواب وتقلّص عدد المشاركين في كل مسابقة من المسابقات السنية.

في المقابل.. يمكن تعزيز عدد المباريات عن طريق دمج المجموعات, أو استحداث بطولات أخرى موازية.. أو حتى زيادة عدد المباريات في المرحلة النهائية.. مثلا يتم تطبيق نظام الذهاب والإياب في الأدوار الإقصائية. من الضرورة أن يتم رفع متوسط عدد المباريات في الموسم كخطوة أولى, لأن ذلك يصب في مصلحة جميع الأطراف.. من لاعبين وأجهزة فنية وأندية ومنتخبات.

الأمر الآخر يتعلق بقيمة الجوائز المالية والتي قد يطول الحديث فيها بسبب (الأزمة الاقتصادية), ولكن يمكن العمل على جلب رعاية للمسابقات الثلاث بحيث يتم إدراج جوائز مالية لأفضل حارس وأفضل لاعب والهداف وأفضل مدرب والفريق المثالي. قد تكون المبالغ رمزية, ولكنها في الوقت ذاته تزيد من المنافسة.

أيضا من المفترض أن يكون الأمر في دوري المحترفين ودوري الدرجة الأولى والثانية.. لا سيما دوري الدرجة الأولى والذي شهدت الأمتار الأخيرة منه مباريات قوية وجماهيرية ينبغي أن نقف عندها ونستغل ذلك الأمر في تسويق كرة القدم كمنتج له عوائده التسويقية.

وفي الوقت ذاته.. من المهم الالتفات إلى الجوانب الفنية ودعم المدربين واستشارتهم في وضع روزنامة الموسم المقبل للمراحل السنية, والإطلاع على مرئياتهم وتصوراتهم للمسابقات كونهم من يتحمّل العبء الأكبر في إعداد اللاعبين وتكوينهم.. وبالتالي هم من يجب أن يصنع الاستراتيجية.. لا من يجلس في مكتبه..!

ليست هناك تعليقات