ما وراء حكاية «سقوط العرّاب»..؟

ما وراء حكاية «سقوط العرّاب»..؟ 
كوووورة وبس

شرارة أضرمتها الـFBI   

كيف لجزيرة صغيرة أن تتحكم بمصير العالم؟.. وما هي تبعات الاتهام الذي طال الفهد؟؟

هل ستنتهي الأمور عند هذا الحد؟.. ومن هو الضحية القادمة في هذا المسلسل؟؟

أحمد الفهد.. من لا يعرفه؟.. الابن الأكبر للشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح شقيق أمير الكويت.. وزير سابق.. رئيس سابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم.. والرئيس الحالي للمجلس الأولمبي الآسيوي.. وعضو المكتب التنفيذي في الفيفا.. وغيرها من المناصب.. التي لا تحصى ولا تعد..

يكفي أن تعرف أنه عضو في اللجنة الأولمبية الدولية.. ووزير سابق للإعلام والصحة والإسكان والنفط والطاقة ورئيس منظمة (أوبك) لمدة عام.. بالإضافة إلى العديد من المسميات والتوصيفات التي تأتي.. قبل أو بعد اسمه.

باختصار.. لا يمكن الحديث عن أية انتخابات في اللجان والاتحادات الرياضية والأولمبية آسيويا وعالميا إلا  ويقفز اسم (أحمد الفهد) للواجهة.. فهو (عرّاب) انتخابات الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الآسيوي لكرة القدم والمجلس الأولمبي الآسيوي.. والقائمة تطول!!!

قصة سقوط العرّاب الذي ملأ الدنيا ضجيجا ذات يوم ليست مثل بقية القصص.. فما حدث بداية من يوم الخميس الماضي, حتى كتابة هذه السطور أشبه بقصص (ألف ليلة وليلة)..!

سقط.. أم تم إسقاطه ؟

الرجل القوي سقط فجأة.. أو تم إسقاطه؟ لا يهم ولكنه فجأة تنازل عن مناصبه في كرة القدم على خلفية اتهامات بالرشاوى.. وهذه المرة الإدعاءات جاءت من محاكم الولايات المتحدة الأمريكية.. والمبلغ ليس بقليل.. مليون دولار أمريكي.. رقم من 6 أصفار يسيل له اللعاب.. ويفتح شهية الأسئلة..!

وقبله.. في سبتمبر 2016.. اتهم القضاء السويسري أحمد الفهد بالرشاوى ضمن حملة ضد ما يوصف بأنه «فساد واسع» في إمبراطورية الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حيث تم الكشف رسمياً وللمرة الأولى، عن تهديد صريح لقيصر الكرة الألمانية فرانز بكنباور بملاحقة قضائية، في إطار قضية منح ألمانيا استضافة كأس العالم 2006، حيث تم رسمياً ولأول مرة تهديد القيصر بكنباور، بحسب ما ذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية وما أعلنه القضاء السويسري، ولم يصدر بكنباور تعليقاً على الأمر، كما ألقت الشرطة البرازيلية القبض على رئيس اللجنة الأولمبية الأوروبية وعضو اللجنة الأولمبية الدولية ونائب أحمد الفهد في «الأنوك» الأيرلندي باتريك هيكي في ريو دي جانيرو، بسبب بيع تذاكر للأولمبياد بطريقة غير قانونية، حيث يشتبه في أنه مرر بطريقة غير قانونية تذاكر للألعاب لبيعها بأسعار باهظة، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام برازيلية.

وكما يقال (لا دخان بدون نار).. والأيام أثبتت أن شركاء الفهد هم المتهمون الرئيسيون في قضايا فساد (فيفا).. بداية من جوزيف بلاتر.. مرورا بميشيل بلاتيني وجاك وارنر.. وآخرهم (ريتشارد لاي) رئيس اتحاد جوام لكرة القدم.. وأحفظوا هذا الاسم جيدا.. لأنه ببساطة أحد أسباب سقوط (الفهد)..!

البداية.. الكاريزما

قبل أن نتحدث عن قصة هذا السقوط.. ينبغي المرور على شخصية الشيخ أحمد الفهد الصباح.. فهو بالإضافة إلى كونه الابن الأكبر للشيخ فهد الأحمد.. ورث منه أيضا الكاريزما القيادية.. ومن لا يتذكر والده في مونديال (اسبانيا 1982) في مباراة الكويت وفرنسا وحادثة إلغاء الهدف. حادثة لم تتكرر مرة أخرى تبيّن صفة من الصفات  التي يتمتع فيها أحمد الفهد وهي (الرغبة في تنفيذ ما يفكر به حتى ولو خالف القوانين)..

شخصية أحمد الفهد القيادية (التسلطية)  – إن صح التعبير – وضحت في مشكلة إيقاف الرياضة الكويتية دوليا.. ذلك الايقاف والذي أحد أسبابه هو الخلاف الشخصي بينه وبين (مرزوق الغانم) رئيس مجلس الأمة الكويتي.. والذي بدأ بسبب طلب استجواب (برلماني) من الغانم للفهد عندما كان الأخير وزيرا للتنمية في يونيو 2011… أيامها كان رئيس المجلس (ناصر الخرافي).. وهو بالمناسبة (خال) الغانم..!

الخلاف استمر.. والنتيجة وصلت إلى اتهام أحمد الفهد لكل من (ناصر الخرافي) رئيس مجلس الأمة آنذاك والشيخ (ناصر المحمد) رئيس الوزراء بتهم سياسية خطيرة.. أبطلها القضاء.. واضطر أحمد الفهد للاعتذار بشكل رسمي.. وربما كانت هذه الشرارة الأولى التي أضرمت نار الايقاف الدولي الذي طال الرياضة الكويتية.

التدخلات الدولية

الفهد ساند (توماس باخ) رئيس اللجنة الأولمبية الدولية خلال ترشح الأخير.. رغم علاقته الجيدة بسابقه (جاك روغ). وساند (جوزيف بلاتر) في انتخابات (فيفا) في أكثر من مناسبة.. ضد (محمد بن همام) و (الأمير علي بن الحسين).. ووقف ضد فوز الأخير مرة أخرى أمام (انفانتينو).. ليدعم (سلمان بن إبراهيم) في تصرف أصاب الجميع بالدهشة.

وكونه رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية (آنوك).. فهذا الأمر ساعده في تكوين شبكات من الصداقات مع القيادات الرياضية حول العالم.. كرة القدم تحديدا.. ووضح ذلك جليا في توزيع المناصب في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. باختصار.. من يريد قيادة دفة كرة القدم في القارة الصفراء, فعليه أولا أن يضم أحمد الفهد إلى فريقه.. وكأنه يقولك: «دع القيادة لي.. واستمتع بالمنصب والرحلة»..!

ليلة خميس..!

فجأة ودون سابق إنذار.. ظهر اسم ريتشارد لاي في عناوين الأخبار.. بسبب قضية فساد في الفيفا… ويوم الخميس, نجح المحققون الأميركيون في فضائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في حصد اعتراف جديد من مسؤول متورط، قد لا يكون عاديا هذه المرة، بعدما ارتبط هذا الاعتراف بتقارير أشارت الى إمكان تورط (طرف كويتي) في دفع الرشاوى وشراء الضمائر تحقيقاً لمصالح معينة.

فقد أقر رئيس اتحاد جوام لكرة القدم، ريتشارد لاي، بذنبه في الشبهات التي اثيرت حوله، ما أدى الى ايقافه موقتا 90 يوما من قبل الاتحاد الدولي. وتعتبر جوام أرضاً اميركية على الرغم من وقوعها في قارة آسيا… هذه المعلومة قد تفيد في معرفة لماذا هذا التدخل الأمريكي.. وتفيد في معرفة الصفة التي تدخل بها الـFBI

واعترف لاي (55 عاما)، الذي ترأس اتحاد الجزيرة الصغيرة في المحيط الهادي منذ 2011، بذنبه أمام القاضية الاتحادية في نيويورك، باميلا تشن، بتهم فساد وتستر على حسابات مصرفية في الخارج، بحسب بيان للمدعي العام في بروكلين.

وأقر بالحصول على 850 ألف دولار أميركي من الرشاوى بين 2009 و2014 من مجموعة من المسؤولين الرسميين في منطقة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، كي يستغل موقعه في التأثير على الآخرين والمساعدة في تحديد مسؤولين في الاتحاد القاري قابلين لتسلّم رشاوى.
وكشف موقع insideworldfootball.com، بأن تقارير عدة أشارت الى أن الممول الرئيسي لتلك الرشاوى المدفوعة إلى لاي هو في الواقع عضو (من دون تحديد منصبه) في الاتحاد الكويتي لكرة القدم (في الفترة من 2009 الى 2014)، بيد أنها لم تذكر اسماً له.. وهنا تبدأ أول خيوط كشف الحكاية.

وأقر لاي أيضا بقبض 100 ألف دولار أميركي كرشوة في 2011 لدعم أحد مسؤولي الاتحاد القاري في ترشحه لرئاسة الاتحاد الدولي، بحسب بيان المدعي العام، من دون أن يسمي من هو هذا المرشح.

ونتيجة لاعترافاته، أوقف لاي من قبل لجنة الاخلاقيات في «فيفا»  90 يوما موقتا عن القيام بأي نشاط كروي، قابلة للتمديد 45 يوما اضافيا بانتظار قرار نهائي، بحسب بيان للاتحاد الدولي.

أما لجنة الانضباط والاخلاق في الاتحاد الاسيوي فقد أصدرت بيانا بدورها قررت فيه «إيقاف ريتشارد لاي من جوام، بشكل مبدئي عن ممارسة أي نشاط متعلق بكرة القدم وبشكل فوري، بحسب لائحة الانضباط ونظام الأخلاق في الاتحاد، بعد إقرار لاي بالذنب في اتهامات تتعلق  بالتحايل خلال ظهوره في محكمة ببروكلين في مدينة نيويورك يوم الخميس».. وتابعت: «لن يقوم الاتحاد الآسيوي بأي تعليق إضافي حول  الأمر حتى استكمال عملية التحقيق» وانتخب لاي، الذي يحمل جوازاً اميركيا، عام 2007 عضوا في لجنة الاتحاد الاسيوي التنفيذية، ما كان محط استغراب نظرا الى الحجم الصغير لبلاده (540 كلم مربع).

ووافق لاي على دفع 1.1 مليون دولار كغرامات وتعويضات، بحسب الاتفاق مع الادعاء مقابل اعترافاته، ما يمنحه تخفيفا لعقوبته.

حل إجباري

هذا التسارع في الأحداث يمكن أنه (أجبر) أحمد الفهد على الاستقالة والرحيل عن عالم (كرة القدم).. ويمكن أن يكون مقدمة لإجبار شخصيات أخرى على (الخضوع) لقوانين مكافحة الفساد في إمبراطورية (فيفا).

وبحسب صحف أمريكية, فإن لاي أقر أيضا بوجود علاقة لجوزيف بلاتر بتهم الفساد والرشاوى.. بينما لم يعلق أو يقر بنفس التهم على القطري محمد بن همام الرئيس السابق للاتحاد الآسيوي والذي كان مرشحا ضد بلاتر في انتخابات الفيفا قبل سنوات مضت.

الحبكة.. نفي التهم

ولأنها رواية من النوع (الثقيل).. لابد لها من (حبكة) و(عقدة).. ولابد لبطلها أن لا يظهر الاستسلام من الوهلة الأولى.. لذلك نفى أحمد الفهد الاتهامات مباشرة.. ولكن عن طريق مكتبه كرئيس (انوك).

ويبدو أن هذا النفي لم يكن كافيا.. رائحة الفساد أزكمت الأنوف.. ولم ينفع معها (الطبطبة) وممارسة العنتريات أمام موقف قوي من قبل (مكتب التحقيقات الفيدرالية).. والمتهم هذه المرة مواطن أمريكي..! لذلك لم يأتي الأحد إلا بخبر إعلان أحمد الفهد سحب ترشحه لعضوية مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا والاستقالة من مهامه الحالية في كرة القدم.. مع توضيح جاء كما يلي :“في ما يتعلق بالدفعات غير القانونية المزعومة لريتشارد لاي، لا يمكنني سوى الاحالة على بياني السابق والنفي بشدة“، مؤكدا عزمه “العمل مع كل السلطات المعنية لدحض هذه الادعاءات التي أعتبرها مفاجئة.”

وأضاف  أيضا: “لكنني لا أعتزم أن تسبب هذه الادعاءات انقسامات أو تشتت الانتباه عن كونغرسي الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي لكرة القدم“الشهر المقبل في البحرين، “لذلك، وبعد تفكير بعناية، قررت انه من الأنسب لصالح الفيفا والاتحاد الآسيوي، أن أسحب ترشحي لانتخابات مجلس الفيفا وأستقيل من مهامي الحالية في كرة القدم.”

وأضاف “حظيت بشرف الخدمة ضمن مجلس الفيفا، ولجنة الاصلاحات في الفيفا، والاتحاد الآسيوي خلال العامين الماضيين، وسأواصل دعم عائلة كرة القدم حالما يتم دحض هذه الادعاءات”.

النهاية… مفتوحة

هل تنتهي حكاية العّراب هنا؟.. يبدو الأمر من الوهلة أنه كذلك.. ولكن في الحقيقة هي بداية لأحداث ومستجدات لاحقة. الوضع متشابك تماما كتشابك علاقات أحمد الفهد نفسه في الوسط الرياضي.. محليا وإقليميا وقاريا ودولياً.

انسحابه في هذا الوقت وبعد هذه القضية والفضيحة بدأ في إثارة التساؤلات عن (عمق) تورطه في مثل هذه القضايا.. من استطاع (رشوة) رئيس اتحاد صغير بهذا المبلغ الكبير.. باستطاعته القيام بأكبر من هذا.

ولكن, الأمر لا يزال طور التحقيقات.. والتي ربما تستمر لسنوات كون خيوطها متشابكة ومتعقدة بشكل لا يمكن أن يتم حلحلتها في ظرف أيام أو أشهر.. وفي هذا الشأن يمكننا السؤال.. من هو الضحية القادمة في هذا المسلسل…؟!

ليست هناك تعليقات